كدت دراسة علمية متخصصة، أجراها الدكتور محمد سهيل المهيري، الرئيس التنفيذي والعضو المُنتدب لجمعية دار البر، أهمية وقيمة تجربة الإمارات في مجال «الوقف المُبتكر»، بصوره المُتنوعة، مشددة على أن الصور المُبتكرة للأوقاف في الدولة لم تخرج عن أحكام الوقف الفقهية ومقاصدها الشرعية، كما لم تخرج المنظومة المؤسسية والتشريعية ذات العلاقة بالوقف في الدولة عن إطار الأحكام الفقهية ذات الصلة، مع اتخاذ أفضل الصيغ والأحكام، التي تعود بالنفع والإيجابيات على الواقِف والوقف والموقوف عليهم.

ويعد الدكتور المهيري الذي التقته «البيان» للحديث عن واقع وآفاق الوقف، أول إماراتي ينال شهادة الدكتوراه في تخصص «الوقف المُبتكر»، حيث حصل عليها من الجامعة الإسلامية العالمية في كوالالمبور أخيراً.

وقال: «الإمارات من أبرز وأنشط الدول التي بدأت تعيد للوقف روحه ومكانته وأهميته من خلال إصدار قوانين اتحادية ومحلية تنظمه وتدعمه وتحمي الواقفين، وإنشاء هيئات ومراكز متخصصة له».
وطالبت الدراسة النوعية التي أجراها، ضمن نتائجها وتوصياتها، بإنشاء مؤسسة عالمية مُتخصصة بالأوقاف في العالم الإسلامي، تتخذ دبي مقراً لها. وأكد الباحث أن الدراسة تُواكب توجه الدولة نحو الابتكار والتميز في كل المجالات، ومنها «الوقف المُبتكر».

وقال المهيري: لا بد من إيجاد مركز عالمي في دبي متخصص في الوقف، وتوفير باحثين وخبراء فيه لتوليد الأفكار الخلاقة واختيار أبرز الممارسات الناجحة وتطبيقها، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وضمهم إلى هذا المركز لتنمية الوقف ومنهجته ومأسسته، وتوسيع مجالاته بالاستفادة من التسهيلات والتشريعات التي توفرها دبي على وجه الخصوص، ومن ثم إنشاء بنوك عقارات وبنوك للواقفين ومشاريع عملاقة أسوة بغيرها من المشاريع العالمية التي تحتضنها دبي.

وشدد المهيري على ضرورة الابتكار في الوقف، والتفكير العملي في زيادته وإنعاشه حتى يكون له أثر عظيم ليس في الدول العربية والإسلامية وإنما في جميع الدول على اعتبار أن مضمونه واحد في جميع الدول وإن اختلفت الأهداف أو المسميات.

وقال: «يجب التفكير جدياً في كيفية تغيير المفهوم التقليدي للوقف عند الناس وإدخال الاقتصاد فيه، بقوته وأدواته المتطورة حتى يمسي الوقف منافساً قوياً لكبار المستثمرين في العالم، وهناك الكثير من مجالات الوقف غير التقليدية التي عرفها المجتمع خلال العقود أو القرون الماضية، ويمكن تفعيلها والاستفادة منها في توسيع دائرة الاستفادة من الوقف».

تنمية الأوقاف
ورأت الدراسة جواز الإبداع والابتكار في «الوقف الإسلامي»، بما يعود بالفائدة والمنفعة على الوقف ذاته والواقِفين والموقوف عليهم، ويعزز المصلحة العامة، ويفضي إلى المحافظة على «الأوقاف» وتنميتها وزيادة ريعها، فيما اتبع الباحث المنهج الاستقرائي في جمع المعلومات والوثائق والقوانين الخاصة بـ«الوقف» وتوثيقها في دراسته الميدانية.

وأثبتت دراسة الدكتور محمد سهيل المهيري ضرورة إدخال مفهوم وآليات الابتكار في «الوقف الإسلامي»، في حين ألقت الضوء على «الابتكارات الوقفية» في دولة الإمارات وتطوراتها، وبحثت الصور الابتكارية لـ«الأوقاف» وتطبيقاتها في الدولة، في البُعدين الفقهي والمقاصدي، وآليات الجمع بين الوقف المُرتكز على الثبات والوقف المُتغير المُبتكر، مشيرة إلى دور المنظومتين المؤسسية والتشريعية في تعزيز «الابتكار الوقفي» وتحقيق مقاصده وأهدافه الشرعية.

واستقصى الدكتور محمد المهيري، في الدراسة العلمية، آفاق وأوضاع «الأوقاف المُبتكرة» في الإمارات بشكل ميداني مُباشر، زار خلالها الجهات المُختصة في الوقف وتنميته، والتقى العاملين في إطاره. لافتاً إلى أن جهات حكومية مختصة في بعض الإمارات لديها أصول أوقاف تتجاوز قيمتها 3 مليارات درهم في كل إمارة.